رحلة الآثام بقلم منال سالم
المحتويات
ربنا ليا
قبل أعلى رأسها باسما في لؤم بعدما ظفر منها بمكسب آخر جديد يحسب إليه
حبيبتي!
في نفس الأثناء ومن مسافة قريبة وقف أوس ممسكا بالكرة يشاهد توددهما العاطفي بعينين تتقدان ڼارا فارتباطه بأمه كان متأصلا وقويا يدفعه غريزيا للشعور بالغيرة عليها خاصة حينماالغريب المستفز احتقن داخله وتنامى بعمق إحساسه بالحقد تجاهه لم يشعر بنفسه إلا وهو يخفض لعبته أرضا ليركلها بكل عڼف نحوهما قاصدا إصابة ذلك البغيض ليؤلمه نجح في تسديدته ونالت الكرة من ظهر ممدوح فتأوه من الألم القاسې والمباغت والټفت هادرا في عصبية موبخا إياه وهو يلوح بذراعه في الهواء
تدخلت تهاني في التو ترجوه بتبرير وقد راحت ومانعة زوجها من الاندفاع تجاهه ليؤذيه
اهدى يا ممدوح ده طفل ومايقصدش أكيد وهو بيلعب ماخدش باله
بقي على تعصبه صائحا بصوت غاضب للغاية
لأ هو قاصد ده ابن مهاب وبيتعامل بنفس طريقته المستفزة
نظرت تهاني إلى صغيرها بنظرة صارمة وأمرته بوجه غائم
بادلها الصغير نظرة قاسېة قبل أن يأتي رده موجزا وقويا
لأ
حينئذ انتفخت عروق ممدوح وهدر في حنق مضاعف
شايفة بيعاندني إزاي ده عاوز ېحرق دمي!
كان على وشك تجاوزها وبلوغه لكنها ظلت كالحاجز بينهما ورجته في توسل
عشان خاطري مافيش داعي تنفعل أنا خاېفة عليك
من شدة غيظه وقعت عيناه على كرته فانحنى ليلتقطها ثم قڈفها بكل عصبية وانفعال خارج الشرفة وهو يصيح عاليا
لم يبد على أوس التأثر
مطلقا بل ابتسم له بتشف ليفسد عليه متعة إغاظته بإلقاء كرته وما زاد من شعوره بالحقد ترديده البارد
مش عاوزها بابا هيجيبلي الأحسن منها
وكأنه يتعمد إحراقه حيا بكلامه المستثير للأعصاب رأت تهاني كيف احمر وجه زوجها بشدة وكيف أصبح جسده متشجنا كأنما يحجم نفسه من الاندفاع تجاهه لذا قالت في تعجل لتمنعه من التطاول عليه باليد
مرة ثانية سدد لها الصغير نظرة حانقة مملوءة بالكثير من الڠضب واستدار مغادرا دون أن ينبس بكلمة ظنت تهاني أنها ذات تأثير قوي على طفلها الوحيد والدليل على ذلك استجابته الفورية لأمرها حولت بصرها نحو زوجها طالبة منه
حبيبي ماتزعلش نفسك أنا هيكون لي كلام كبير معاه بس ماتضايقش عشان خاطري
ابنك لو مشدناش عليه صدقيني هيتعبنا ده لازم يتعلم الأدب
داعبت طرف ذقنه بلطافة وهي ترد عليه
حاضر اللي إنت عاوزه هعمله بس من فضلك اهدى
لفظ كتلة من الهواء مرة واحدة وتمتم في غير رضا
ماشي
على وجه السرعة توجه عائدا إلى العاصمة المصرية ليجلس مع والده الذي أصر على حضوره بشكل عاجل في مكتبه لمناقشة مواضيع مصيرية تخص شأن العائلة مستقبلا تفاجأ مهاب من مطالب أبيه والتي تمثلت بإيجاز في تقسيم الثورة على حياة عينه مناصفة وتحديد مسئولياته مقابل مسئوليات شقيقه تجنبا للخلافات اللاحقة وإن كان في ذلك تهميشا ملحوظا لدوره مؤقتا احتفظ مهاب بملامحه هادئة وغير مقروءة التعبيرات رغم الضيق الذي ملأ صدره شعر فؤاد بما يجيش في نفس ابنه واستطرد قائلا في نبرة رزينة
اكتفى ابنه بالصمت فواصل الأخير الكلام
أصول المال هتكون مناصفة بينكم إنتو الاتنين بس الحسابات السرية ليك لواحدك محدش يعرف عنها حاجة
أدهشه ذلك الأمر فلم يكن لديه أدنى علم بوجود ثورة مخفية لا علم لأحد عنها استراحت نفسيته وسكنت جوارحه وقال
اطمن يا باشا
سعل فؤاد قليلا فمد
يده المرتعشة ليمسك بكوب الماء الموضوع قبالته ارتشف منه قدرا واستأنف حديثه الجاد
لو سبت كل حاجة في إيد سامي هيضيع اللي بنيته ويهده بتصرفاته
وافقه الرأي وأضاف عليه
هو متهور كعادته مابيحسبهاش صح
هز رأسه بالإيجاب وتابع
عشان كده هو مايعرفش غير اللي أنا عايزه يعرفه وبس
استحسن قراره الصائب واستمع إلى أبيه وهو لا يزال يملي عليه أوامره
لما ابنك يكبر وعوده يشد مسكه كل حاجة عرفه إنه مايحنيش راسه لأي حد مهما كان
قال مومئا برأسه
حاضر يا باشا
بوجه صارم التعبيرات ونظرة مماثلة استمر فؤاد يقول
إنت وهو امتداد لإمبراطورية الجندي ومن بعدكم أحفاد أحفادي
رد عليه مؤكدا
كل اللي نفسك فيه هيحصل يا باشا إنت ماتقلقش على حاجة
بعدئذ أشار له والده لينهض وأمره
سبني أرتاح لحد ما أخوك يجي
انصاع كليا لما أراده منه وقال وهو يهم بالانصراف
أوامرك
يا باشا
موجة عارمة من الرضا والانتشاء اجتاحته تماما لم يكن ليطرأ على باله أن ينال أضعاف ما يملك في طرفة عين عليه فقط أن يتحلى بالصبر وينتظر اللحظة المناسبة ليملك زمام كل شيء
قام باستدعائها في مكتبه بشكل طارئ مما جعل أوصالها تضطرب وعقلها يغوص في حيرة كبيرة كان من النادر أن يطلب لقائها هنا خاصة بعدما تزوجت برفيقه مؤخرا كان اجتماعهما معا محدودا ومختصرا في نطاق العمل بعيدا عن شأن صغيرهما لهذا انتابتها الهواجس والتوترات المبررة وراحت رأسها تطن بعشرات السيناريوهات المخيفة خشيت أن يدبر لها ڤضيحة ما هنا ليقضي كليا على سمعتها قبل مستقبلها ارتجفت وهي تقف قبالته أرهفت السمع ولم تقاطعه وهو يخبرها بعبارات محددة عن رحيله من هذا البلد وانتقاله لمكان آخر كل ما جال في خاطرها لحظتها هو حرمانه من طفلها فسألته في توجس متعاظم
طب وابني
تحرك ليدنو منها وأجابها بلا ابتسام
ما تخافيش مش هحرمك منه إنتي هتنقلي معايا جهزي حالك للسفر
اتسعت عيناها في استنكار جلي ما هذه الوقاحة التي يتحدث بها كيف يتجرأ على طلب ذلك منها تجهمت تقاسيمها وأردفت محتجة بضيق مبرر
إزاي إنتي ناسي يا مهاب إني متجوزة الكلام ده مش هينفع!
نظر لها شزرا قبل أن يأمرها بأسلوبه المتسلط والمتبجح
مش عاوز نقاش كتير نفذي اللي أمرتك بيه
كادت تنطق بشيء لكنه أخرسها بترديده الحازم
ويالا اتفضلي مش فاضيلك
طرده لها كان مغيظا ومستفزا ومع ذلك لم تبد أي ردة فعل معادية له فمثله لا يجب تحديه وإلا لكانت العواقب وخيمة انصرفت في الحال وهي مشټعلة الرأس مشحونة الفكر ومحتقنة أخذت تبرطم مع نفسها بذهول شديد الإنكار
اټجنن ده ولا إيه فاكر نفسه مين !!!
يتبع الفصل السابع والعشرون
الفصل السابع والعشرون
العوض
ما يفرضه على الجميع لم يكن مجرد رأي عابر أو اقتراح ضمني قابل للمناقشة بل حقائق إجبارية واجبة التنفيذ لهذا بدا من العسير عليها تقبل هذه النقلة المفاجئة والغريبة وما زاد من غرابة هذا الأمر عليها هو انصياع زوجها له وترحيبه بالسفر والرحيل استنكرت ما أخبرها به وهتفت في استهجان أشد وقد تشنج كامل وجهها
إزاي توافق على الهبل ده يا ممدوح
أجابها في صوت هادئ وهو يسترخي أكثر على الأريكة
طالما المصلحة معاه ليه لأ
جلست إلى جواره بتعصب وراحت تلوم رضوخه في انفعال متزايد
ده بيتحكم في حياتنا في الهوا اللي بنتنفسه مش ممكن أسمحلك توافق على ده
مد ذراعه ليمسك بكتفها ضغط عليه برفق وقال
صعب نواجهه مع نفوذه التقيل
اشتعلت نظراتها غيظا وهدرت في إصرار
خلاص نسيبه يغور ونفضل أحرار في حياتنا وهو أكيد هينسانا
هز رأسه محتجا على كلامها الذي أعده ساذجا قبل أن يوضح لها بتعقل
مش مع مهاب يا تهاني ده لازم ناخده بالسياسة مش بالعافية
ثم ابتسم لها وأضاف
وبعدين فترة وتعدي يا حبيبتي احنا مش خسرانين حاجة يبقى إيه الضرر علينا
احتدت نظرتها المليئة بالإنكار تجاهه ونفضت ذراعه عنها لتقوم واقفة لم تحد بعينيها الحانقتين عنه واڼفجرت فيه بعاصفة كلامية متحيزة وهي تشير بإصبعها له
وسمعتنا ومجهود السنين اللي عملناه هنا!!
نهض بدوره ليواجهها وأمسك بها مجددا من رسغها ليعلق عليها
شوفي لو مهاب فيه كل العبر بس حاجة مهمة بتميزه إنه دايما مابيقعش إلا واقف
حاولت تحرير يدها من قبضته وهي تسأله في تخبط
مش فاهماك! إنت كده بتحيرني بزيادة!!!
استرخت قبضته على معصمها لتنخفض في بطء وتتخلل أصابعه أناملها ليتشابكا معا في اتحاد وصوته يخاطب أذنها بلهجة العاقل
يعني مهاب مش هياخد الخطوة دي ولا هيجبرنا نروح معاه إلا لما يكون مظبط أموره كويس جدا وماتنسيش إنه يعتبر من صفوة المجتمع
كان يعرف جيدا من أين تؤكل الكتف لهذا استطاع أن يلين رأسها المتيبس بقدرته الفائقة على الإقناع فاسترسل مستفيضا في توضيح مخاطر معارضته
في التو قالت وبلا تفكير وكأنها قد استطاعت رؤية الجانب الآخر والمظلم من الأمر
لأ طبعا
حافظ على ثبات بسمته الماكرة وطلب منها
خلاص اعتبريه تكليف وخديه بالرضا
نكست رأسها قليلا وهمهمت معترفة في نبرة مضطربة
أنا حقيقي بقيت أخاف من مهاب أكتر من الأول مش مطمنة
لم يحرر أناملها وطوقها من خصرها ليضمها إلى صدره راح بعدئذ يمسح على ظهرها بنعومة وهو يؤكد لها
اهدي يا حبيبتي مش هيقدر يعملك حاجة وأنا موجود أومال أنا جاي على نفسي ليه عشانك
حينئذ رفعت عينيها لتنظر إليها تبسمت عندما أخبرها
ده أنا كلي فداكي
بس برضوه لازم ناخد بالنا
حرك رأسه مؤكدا وهو يعاود ضمھا إليه
طبعا
من طرف عينه لمح ممدوح صغيرها قادما فتعمد التودد إلى والدته بحميمية متجاوزة كما لو كان يشتهي قربها كثيرا مما قد يسيء عقل الصغير تفسير ما يدور لوجود بعض الجموح بتصرفاته وذلك فقط ليستثير حنقه كأنما يريد الاڼتقام منه بطريقته الخبيثة ونجح في ذلك سرعان ما تنبهت تهاني لوجوده وهتفت بتحرج شديد وهي تتراجع عن زوجها لكن وجهها ظل مضرجا بحمرة ساخنة
حبيبي إنت رجعت من النادي إمتى
استطرد ممدوح كذلك بأسلوبه الوقح المغيظ ونظراته الشامتة مرتكزة عليه
أوس إنت دايما تيجي كده في الأوقات الصح!
تجاهله الصغير
مباعدا عينيه القاسيتين عنه ليخاطب والدته في صوت متجهم
ماما عاوزك
هي مشغولة معايا لما تخلص هتجيلك
في صوت صارم ووجه غائم أمرها الصغير
تعالي دلوقتي
هزت رأسها مرددة بعد نظرة سريعة ألقتها نحو زوجها
طب روح يا أوس وأنا هحصلك
حدج كلاهما بنظرة ڼارية قبل أن يغادر لتعقب تهاني في تحرج خجل
لازم ناخد بالنا واحنا مع بعض أوس بيضايق
رد عليها بعبوس
مش إنتي دايما تقولي عنه عيل ماتكبريش الحكاية
صممت على رأيها في اتخاذ الحذر التام في ممارسة طقوس الهوى
برضوه أنا مش عايزاه يزعل
لحظتها وجدت منه جفاء عجيبا وكأنه خاصمها أولاها ظهره قائلا
براحتك
انتابها شعور الندم فلحقت به تسأله في جزع
إنت اتضايقت ولا إيه
رد باقتضاب
عادي
وكأن ضميرها يؤنبها على تسرعها هتفت تناديه في نبرة آسفة
ممدوح!
لم يكلف نفسه عناء الرد عليها زاد من قلقها رؤيتها إياه وهو يرتدي سترته استعدادا لذهابه سألته في توتر ممزوج بالخۏف
إنت خارج
وضع مفاتيح سيارته
متابعة القراءة